Overblog
Edit post Follow this blog Administration + Create my blog

Abdelhamed Sahban عبد الحميد سحبان

Abdelhamed Sahban عبد الحميد سحبان

إطلالة في سطور (01)

Posted by Abdelhamed Sahban on December 9 2022, 19:01pm

Categories: #مساهمات نقدية

إطلالة في سطور (01)" على الققج بعنوان "تنوير"
للقاص محمد أبو الفضل سحبان بقلم الناقد الفني الدكتور عبد الحميد سحبان
"

ملتقى أدباء الشرق - انقر هنا

إطلالة في سطور (01)

على الققج بعنوان "تنوير"

للقاص المغربي محمد أبو الفضل سحبان

بقلم الناقد الفني الدكتور عبد الحميد سحبان

" تنوير"

"خاف من نَفَدِ النّار؛ عَصَر ما تبقَّى فیه من الزَّيت على الذُّبالَة، أزھر القِنْدِيلُ بعد خُفُوت وكَشَف الْغِشَاوَة التي كانت تُحیط به من كلِّ جَانِب."

نص ناري كما سبق وأن نعته في تعليقي العابر، لأن "النار" هي عقدته ومفتاحه. استُعْمِلَت رمزا للحياة ورمزا لدلالتها المزدوجة على الحياة والموت. "النار" التي خصص لها الفيلسوف الفرنسي (GASTON BACHELARD) كتابا بأكمله سماه "علم نفس النار" (LA PSYCOLOGIE DU FEU) درس فيه رمزية استعمالات لفظة "النار" عبر تتبع مختلف التعابير المجازية المتاحة في الأدب الغربي.

أولا: استعمال النار كرمز للحياة: اعتبرتها الفلسفة الإيونية القديمة العنصر المسيطر في الكون والأكثر أهمية بالمقارنة مع باقي العناصر الأخرى من ماء تراب وهواء. فالنار تبدو من خلال هذه الفلسفة عنصرا مستقلا، أكثر حيوية، مجسدا أحيانا وبهيئة بشرية أخرى. وعلاقة بالقص -الذي نحن بصدد قراءته فإنه يتحدث عن الهلع "من نفد النار"، وهو ترميز صريح إلى الخوف من فقدان مصدر أساسي من مصادر الحياة المتمثل في النار والنور، أو الحياة بكل بساطة. وقد أكد (BACHELARD) في كتابه المذكور أعلاه بأنه النار"هي الحي جدا".

ثانيا: الثنائية المتناقضة لمعنى النار: لفظة تحمل معنيين متناقضين في نظر الفيلسوف الفرنسي، إنها "الخير والشر، تَسْطَع في الجنة وتُحرق في جهنم، إنها الرِّقة والبطش". وارتباطا بالقص الذي نحن بصدد الإطلال عليه، نراه استٌهٍل بأقوى شعور عند الإنسان ألا وهو "الخوف"، "الخوف من نفد النار"، ومن نقيض الحياة أي الموت. إنه استعمال واضح لرمزية النار المتناقضة، التي استشهد عليها (GASTON BACHELARD) بالقصيدة المطولة للشاعر الألماني (BARTHOLD HEINRICH BROCKERS) انتقينا منها هذا المقطع:

"النار، أنتِ الموت والحياة لكل الأجسام،

أنتِ الجمال والفظاعة،

لا يوجد من يستطيع مقاومتك.

تمنحين الحياة، تدفئين، تطعمين،

تدمرين، تفرقين وتلتهمين."

ثالثا: علاقة شعلة النار بطبيعة الإنسان: تجلى رد الفعل القوي والطبيعي لبطل القص خوفا من عتمة الموت في بذل مجهود جبار عبَّر عنه الكاتب بمقولة "عَصْر الزَّيت" كتعبير مغربي خالص، يعني بَذْل كل ما في الوسع والطاقة بدون تهاون أو تراخ. الشيء الذي أعطى أُكله لأن ما تم عصره من عناء البطل على الذبالة، مكن من توهج القنديل وحدوث الانكشاف التام. وعلاقة بالنار، فإن توقد "شعلة" القنديل ولهبه وحدوث الانفراج، له ارتباط وثيق بطبيعة الإنسان وحبه الشديد للحياة والابتهاج بها كلما كشفت له عن سرها وسحرها، كما جاء في رواية "النار" للكاتب الإيطالي (GABRIEL D’ANNUNZO) يقول فيها إن "الشعلة قدر ومصير الإنسان، إنها مجاهدة مستمرة للسيطرة على الذات. تُظهر لنا احتمال تحول الألم إلى طاقة محفزة وأكثر فعالية كما أننا نفهم منها أن المتعة هي والوسيلة الموثوقة للإدراك الذي وهبته لنا الطبيعة ".

نص ناري بامتياز، استطاع نفض التراب عن المجهود الجبار الذي بذله الفيلسوف الفرنسي (GASTON BACHELARD) في تعقبه للتعابير المجازية للنار في الأدب، فجاء بعنصرين أساسيين لرمزيتها، الأول كمرادف للحياة والثاني ككائن مضطرب يعطي الحياة بيد ويسحبها بالأخرى، وعنصر ثالث يربط بين شعلة اللهب وطبيعة البشر في الاستمتاع بالحياة عند انكشاف جمالها وروعتها "والغشاوة التي تحيط بها من كل جانب" كما اختتم الكاتب نصه موفقا.

إطلالة في سطور (01)
To be informed of the latest articles, subscribe:
Comment on this post

Recent posts